ناصر اليوسف

ولد ناصر اليوسف في عام 1940 في المحرق وهو يعتبر رائداً في حركة الفن الحديث في البحرين. ففي الفترة التي لم يكن فيها سوى عدد قليل من القدوات في كيفية أن تصبح فناناً
والنقص الشديد في الموارد من حيث المواد الفنية والمؤسسات المكرسة للفنون الجميلة، كان ناصر اليوسف ومعاصروه يمشون قدماً ويقودون عملية تكوين حركة فنية حديثة في البحرين. ومع أن ميوله الفنية كانت بادية من سن مبكرة، لم تُكتشف وتُنمّى إمكانات ناصر اليوسف الحقيقية إلا أثناء سنوات دراسته على يد معلّمَيه وفنّانَيه أحمد السني وعبدالكريم العريّض. هذه المحاولات المبكرة في مجال الفن لم تنضج بشكل كامل إلا في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي حينما انضم ناصر اليوسف إلى مجموعات فنية مختلفة، قام فيها مع منتسبيها باستكشاف البيئة المادية البحرينية من خلال التجول في أسواقها ومرافئها وحدائقها في عطلة نهاية الأسبوع.

كانت الطباع التي رافقت ناصر اليوسف من خلال حياته الفنية واضحة منذ البداية – ولع حقيقي بالقصة البشرية كما هي في الحياة اليومية وتقاليد موطنه البحرين، نهج صارم لا يعرف الكلل بغض النظر عن المجال وفضول فطري لاستكشاف وتجربة مختلف اللغات الفنية الرسمية والوسائط والأساليب.

ومع أنه لم يكن يوماً طالباً رسمياً في مجال الفنون الجميلة، عكف ناصر اليوسف على تشرّب تاريخ الفن وعملياته المتعددة بأي وسيلة ممكنة – من الدوريات والنصوص التاريخية والنظرية حول النظرية والتطبيقات المتاحة في البحرين إلى التبادلات الدولية من خلال ورش العمل والمعارض. ومن بداياته في استكشاف المناظر الطبيعية للبحرين في سنواته الأولى كفنان، مضى ناصر اليوسف ليشارك في معظم المعارض الفنية الرئيسية في البحرين ومثّل بلاده في معارض جماعية في الخارج. وفي أول معرض فني أقيم بعد استقلال البحرين، تم الاعتراف بناصر اليوسف كأحد أفضل عشرة فنانين في البلاد وتبع ذلك اعتراف أوسع على صعيد البحرين بل والمنطقة برمتها، كان أبرزها الجائزة التي منحتها إياه حكومة الشارقة في عام 1995 التي اعترفت بناصر اليوسف كرائد في مجال الفنون التشكيلية في الخليج العربي.

وبالإضافة إلى إنجازاته الفنية العظيمة، لعب ناصر اليوسف دوراً محورياً في تطوير البنية التحتية الفنية في البحرين. فمن مشاركته النشطة في تجمعات وجمعيات الفنانين، أصبح قيما بعد عضواً مؤسساً في جمعية الفن المعاصر وترأسها من عام 1983 إلى 1986 ، ومن خلال متجر الطالب للقرطاسية الذي أسسه مع أبناء عمومته في الستينيات، أصبحت الكتب والدوريات التي تُعنى بمجال الفنون والمواد الخام التي يحتاجها الفنان مثل طلاءات الأكريليك متاحة. وبعد مشاركته في منتدى أصيلة الثقافي، أصبح في عام 1980 أول من استورد آلة طباعة في البحرين. كما كان ناصر اليوسف سخياً في تقاسم ونقل معرفته إلى الفنانين البحرينيين أمثال عبدالجبار الغضبان وجعفر العريبي وزهير السعيد ومحمد المهدي الذين يشهدون بتأثيره عليهم. وبالترافق مع نهجه الصارم وروحه الجوادة، كان ناصر اليوسف يتحلّى بالرأفة والشجاعة المدنية، وهي خواص تجلّت في أبهى صورها في معرض مؤثر أقامه مع إبراهيم بوسعد في عام 1982 تناول فيه الغزو الإسرائيلي للبنان ومذبحة صبرا وشاتيلا، حيث تُظهر الأعمال في هذا المعرض فناناً لا يخشى أن يعبّر عن نفسه وأن يتعامل مع القضايا
السياسية الصعبة. ومع أن الأعمال التي تضمنها ذاك المعرض تعاملت بوضوح مع موضوع غاية في القساوة – المجزرة والعنف – إلا أنها أيضاً كانت كنذير شؤم حيث طغى على العديد منها إحساس بالقلق وعدم الارتياح.

معارض ناصر اليوسف