لماذا المحرّق؟ كيف تلهمنا مدينة حدوثنا؟

وإن كان لمدينة ما سبب حقيقي وجميل كي تعيش، فهو تنفس الناس فيها، هو فعل الثقافة الذي يمنحها ذاكرة، بيتًا، واحتمالاتٍ واسعة كي تستمر الحياة. إن كان لميلاد كلمةٍ جميلةٍ علاقة بكيف تصير الأشياء شعرًا أو كيف تتحول الأحداث إلى فنٍّ عميق، فواقع المدينة هو بيوتها، الحيوات المتلاحقة التي تتكاثر فيها، والأيدي التي تنبت فيها على طريقة جسور مع مدنٍ أبعد، مع أوطانٍ أكثر اتساعاً، مع الشاسع والعميق من فكرة ما.

 

ولمدينة المحرق، خصوصية ما، جمالٌ آخر… لها تنفّسها الذي في كل مرة يحدث، يكون قد صار على وجه المدينة وجه إنسانٍ، أو بيت. وهكذا، تأتي الحكايات تباعًا، ثم تنجز المدينة أحلامها. ليست من مدينة فارغة من حلم، لكنه ابن المدينة الذي يؤمن، ويصنع، وينجز. وعن مدينة المحرق، فثمة من كانوا يشتغلون على حياكة قلبها، من يدققون نسج هويتها، ومن يضعون فيها شيئاً من ملامحهم كي يمنحوها ذاكرة.

وإن فككنا عمر المدينة (المحرق)، ثمة بيوت كانت تبقي ضوءها، ولا تنطفئ. ذلك أنّ باطن المكان هو ذاك الضوء. باطنه الإنسان الذي لا ينام قلبه وإن غاب، لذا فالحكاية تقول، أن حفيدة ما فتّشت عن ذلك الضّوء، فعادت إلى أصل المكان الذي ينبت منه. من هنا، فتح العمر حكاياتٍ متلاحقة، لمثقفين أخّر الوقت مواقعهم في الذاكرة، لرسائل كانت تعرف طريقها ما بين يد الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة وبين شخصيات تحلم وتكتب وتفكر رغم فاصل المسافة، ولتفاصيل كثيرة، كانت تشتغل على نحت المعرفة،
وإنجاز الثقافة والعلوم.

من الموقعِ الأصل، لتلك المراسات الرسمية، وللأماكن التي جلس إليها المثقفون والمفكرون والأدباء والشعراء والسياسيون قديمًا، تمكن الرهان الثقافي من استعادة حكاية المكان، من منحها حياة أخرى وجعلها متصلة، بما كان يحلم ويسعى وينجز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة. ومن ذات المجلس الذي كان بيتا حميما للثقافة والمعارف، صارت الثقافة تصنعُ بيوتها ومشاريعها، كأنها تؤرّخ الثقافة هوية للمكان.

اليوم العمر الإضافي الذي منح لهذا المجلس 15 عامًا، عرفت فيها مدينة المحرق أكثر من 500 شخصية ثقافية وأدبية وسياسية، وصارت للأحلام بيوتًا عديدة، أمكنةً جميلة، تؤكد أن الجمال منقذٌ للعالم، وأن الثقافة رديفة للمحبة، وكلاهما طوق النّجاة.

مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث

Shaikh Ebrahim bin Mohammed Al Khalifa Center for Culture & Research
هل تعلم ؟
قام مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث بترميم ثمانية وعشرين مشروعًا في المحرق والمنامة والمالكية. ينتمي العديد منهم إلى شخصيات و عائلات بحرينية بارزة.